المنهج الوصفي - Descriptive Method

يلعب الوصف دورا أساسيا في المعرفة فهو وصف الظاهرة من خلال الإجابة على السؤال الأساسي في العلم: ماذا؟، إذ أن الوصف يهتم أساسا بالوحدات أو الشروط أو العلاقات أو الأنساق الموجودة بالفعل و كذا يشمل كيفية عمل الظاهرة، وإذا ما سلطنا الضوء في حديثنا في مقالنا هذا حول موضوع المنهج الوصفي فإننا نجد أن لهذا المنهج جذور تاريخية تعود إلى القرن الثامن عشر ميلادي بحيث نشأ هذا المنهج عند الغرب في نهاية القرن الثامن عشر ميلادي، وقد ارتبطت نشأته بعمليات المسح الاجتماعي وبالدراسات المبكرة في فرنسا وانجلترا، وكذلك بالدراسات الأنثروبولوجية في الولايات المتحدة، وتطور في القرن التاسع عشر، من خلال الدراسات الاجتماعية التي قام بها "فريدريك لوبلي" (1806-1808م) بإجراء دراسات تصف الحالة الاقتصادية والاجتماعية للطبقة العاملة في فرنسا، لكن التطور الهام في المنهج الوصفي كان في القرن العشرين.

تعريف المنهج الوصفي:

هو أسلوب أو نمط يتم استخدامه لدراسة ووصف الظواهر والمشكلات العلمية وصف دقيق للوصول إلى التفسيرات المنطقية المبرهنة بهدف إتاحة الفرصة للباحث لوضع إطارات محددة للمشكلة واستخلاص عدد من الأسباب التي أدت لحدوث الظاهرة أو المشكلة.

أهداف المنهج الوصفي: 

أ- جمع معلومات دقيقة حقيقية ومفصلة لظاهرة موجودة فعلا (في الوضع الراهن = آنية) في مجتمع معين.

ب- تحديد المشاكل الموجودة أو توضيح بعض الظواهر.

ت- إجراء مقارنة وتقييم لبعض الظواهر.

ث- تحديد ما يفعله الأفراد في مشكلة ما والاستفادة من آرائهم وخبراتهم، وفي وضع تصور، خطط مستقبلية واتخاذ قرارات مناسبة في مشاكل ذات طبيعة مشابهة.

ج- إيجاد العلاقة بين الظواهر المختلفة.

 وبناء على ما سلف فالهدف من تنظيم المعلومات وتصنيفها هو مساعدة الباحث على الوصول إلى استنتاجات وتعميمات تساعدنا في تطوير الواقع الذي ندرسه، فالأسلوب الوصفي لا يهدف إلى التحليل بقدر ما يهدف إلى وصف الظواهر أو وصف الواقع كما هو، للوصول إلى استنتاجات تساهم في فهم هذا الواقع وتطويره وإيجاد العلاج لأمراضه ومشاكله، فيرى الكثير من المهتمين بمناهج البحث أن البحوث الوصفية تتركز على خمس أسس تتمثل في:

- إمكانية الاستعانة بمختلف الأدوات المستخدمة للحصول على البيانات (كالمقابلة والملاحظة واستمارة البحث وتحليل الوثائق والتسجيلات).

- نظرا لكون الدراسات الوصفية تهدف إلى وصف وتحديد خصائص الظواهر متفرقة، فلا بد أن يكون هنالك اختلاف في مستوى عمق تلك الدراسات.

بمعنى أن يكتفي بعضها بمجرد وصف الظاهرة محل البحث كما وكيفا بغير دراسة الأسباب التي أدت إلى ما هو حادث فعلا (مثل الطفولة المعنفة).

- لا بد من اصطناع التجريد خلال البحوث الوصفية حتى يمكن تميز خصائص أو سمات الظاهرة محل البحث وخاصة في مجال العلوم الاجتماعية تتسم بالتداخل والتعقيد الشديدين، مثل دراسة ظاهرة الطلاق وغيرها.....

-كما كان التعميم مطلبا أساسيا للدراسات الوصفية، ذلك حتى يمكن من خلاله استخلاص أحكام تصدق على مختلف الفئات المكونة للظاهرة محل البحث، فكان لا بد من تصنيف الأشياء أو الوقائع والكائنات أو الظواهر محل الدراسة على أساس معيار مميز، لأن ذلك هو السبيل الوحيد لاستخلاص النتائج ومن ثم العمل على تعميمها.

خطوات المنهج الوصفي:

حتى يتمكن الباحث من القيام باستخدام المنهج الوصفي بآلية صحيحة وسليمة يجب عليه أن يسير وفق مجموعة متتابعة من الخطوات، ومن أبرز خطوات استخدام المنهج الوصفي ما يأتي:

ا- تجميع البيانات اللازمة للنظر إلى الظاهرة بشكل عام.

ب- تحديد مشكلة البحث.

ت- تدوين الافتراضات والملاحظات.

ث- تحديد عينة البحث.

ج- الاستعانة بالمراجع والمصادر الملائمة.

ح- تبني بعض أدوات جمع المعلومات مثل المقابلة، الاستبيان، الاختبار أو الملاحظة.

خ- تصحيح ومعالجة المعلومات بطريقة دقيقة.

د- تفسير وتحليل النتائج بطريقة صحيحة وتوضيح دورها في إثراء المعرفة العلمية.

أنواع المنهج الوصفي:

تتعدد أنواع المنهج الوصفي التي تساعد الباحث على تحقيق أهداف البحث الخاص به، حيث تتفرع هذه الأنواع إلى ما يأتي:

ا- الدراسات المسحية:

يطلق على الدراسات المسحية أيضاً اسم المنهج المسحي، والذي يقوم الباحث خلاله بدراسة إحدى الظواهر ضمن بيئة معينة ومجتمع معين ليتمكن من جمع المعلومات والبيانات المتعلقة بهذه الظاهرة، وتحليلها، ثم إظهار النتائج بهدف الوصول إلى الحلول الممكنة، ووضع الخطط الإصلاحية التي تهدف لتحقيق التطور والتقدم في مجتمع الدراسة، وللدراسة المسحية العديد من الأنواع وهي:

1- الدراسة المسحية التعليمية: وهي الدراسة التي تختص بالمجال التعليمي، ووضع خطط تهدف إلى تطوير العملية، ورفع كفاءتها، وتغطي هذه الدراسة المسحية الجوانب الإدارية والقانونية المتعلقة بالتعليم، والجانب المالي له، كما أنها تغطي الجوانب المتعلقة بالمعلمين فتقوم بتطوير مهاراتهم، وذلك من خلال إخضاعهم لعدد من الدورات التي تزيد من قدرتهم على التعامل الصحيح مع المنهج والتلاميذ، بالإضافة إلى ذلك فإن الدراسة المسحية تهتم بالطلبة فتراقب حالتهم الصحية، والعقلية، والاجتماعية، وتراعي الفروق بينهم، وتهتم بتطوير المناهج الدراسية، وتحسين طرائق التدريس، وتوفير الأدوات التي تسهل من مهمة المعلم في تطبيق المنهج التعليمي .

2- الدراسة التحليلية المرتبطة بتحليل الوظائف: تهتم هذه الدراسات بالمعلمين، حيث تقوم بجمع البيانات المتعلقة بواجباتهم، وتحدد مطالبهم، والصعوبات التي تواجههم، كما تعمل على توفير أجواء العمل المناسبة لهم، فتضع الأجور التي تتلائم مع حجم الجهد والتعب المبذول، وتضع كل ذي اختصاص في اختصاصه المناسب .

3- الدراسة المسحية المرتبطة بتحليل المضمون والحقائق: تتميز هذه الدراسة بدراستها للواقع بشكل غير مباشر، حيث يقوم الباحث بجمع معلوماته من الوثائق، والسجلات، والتقارير، والكتب، والمطبوعات، والصوتيات، وغيرها من مصادر المعلومات، ثم يحللها لاستخراج النتائج منها.

4- الدراسة المسحية المتعلقة بالرأي العام: يحصل الباحث على نتائج الدراسة من خلال استخدامه لأداة من أدوات البحث كالاستبيان والمقابلة .

ب- دراسة العلاقات والروابط المتبادلة:

تصنف هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام أساسية، وهي:

1- دراسة الحالة: يتم دراسة الحالة من خلال شخص أو مجموعة من الأشخاص خلال مدة وزمن محددين بشكل مسبق، بهدف الكشف عن السلوك أو الظاهرة.

2- الدراسة المقارنة للأسباب: وفيها يتم دراسة مجموعتين تتبع الأولى سلوكاً معيناً، ومجموعة أخرى تشبهها، ولكنها لا تقوم بذات السلوك، ويكمن الهدف من هذه الدراسة في تحديد الأسباب التي أدت إلى ظهور هذا السلوك .

3- الدراسات الارتباطية: يحدد من خلال هذه الدراسة العلاقة بين متغير أو أكثر، كما يحدد نوع العلاقة بينهما.

4- الدراسات التطويرية: تنقسم هذه الدراسات إلى نوعين أساسيين، وهما:

- دراسات النمو: تتم هذه الدراسة عن طريق تحديد عينة من التلاميذ لدراسة النمو العقلي والاجتماعي والانفعالي لها.

- دراسة الاتجاه: في هذا النمط يبدأ الباحث بدراسة الظاهرة في الزمن الراهن، ومتابعتها في الفترة القادمة، وفي بعض الحالات قد يبدأ بدراسة الظاهرة من الزمن الماضي وحتى الحاضر وصولاً إلى المستقبل.

نقـد المنهج الوصفي:

فيما يلي سنستعرض مزايا المنهج الوصفي، والمآخذ (العيوب) التي تحدث بها خبراء المنهجية:

ا- المزايا:

- يساعد المنهج الوصفي في تفصيل الإشكاليات والظواهر والقضايا، والتي ترتبط بالإنسان بكفاءة بالغة، بالإضافة إلى استخدامه في دراسة بعض الموضوعات ذات الارتباط بالعلوم الطبيعية؛ مثل: الكيمياء، والرياضيات، والفيزياء، والبيولوجي... إلخ.

- تفسر بعض شعب المنهج الوصفي العلاقة بين المتغيرات التي تحتويها فرضيات البحوث، مثل المنهج السببي المقارن.

- بعض صنوف المنهج الوصفي تُساعد في التعرف على مقدار الترابط بين متغيرات البحث الأساسية، مثل المنهج الوصفي الارتباطي.

- يُسهم المنهج الوصفي في بلوغ الباحث لمعارف كثيرة، حيث يعتمد على تجميع أكبر كمٍّ من البيانات والمعلومات حول الظاهرة محل الدراسة.

- من بين أوجه مزايا المنهج الوصفي مساعدته للباحثين في التنبُّؤ ببعض الوقائع المستقبلية فيما يخص ظاهرة البحث.

ب- المآخذ (العيوب):

- يعتمد المنهج الوصفي على تحديد ووصف وتتبُّع ظاهرة مُعاصرة؛ بمعنى في وقت ومكان محددين، لذا فإن عملية التعميم لا يمكن الاعتماد عليها في كثير من الدراسات الوصفية.

- يُشير بعض المنهجيين إلى أن استخدام المنهج الوصفي في تفحُّص مشكلة معينة لا يمكن أن نُطلق عليه بحثًا علميًّا، والأدق هو قولنا إنه دراسة وصفية، والسبب في ذلك هو وجود كثير من القيم الرقمية لكثير من الموضوعات الوصفية، وبما يقلل من قيمة النتائج.

- يصعب وضع فرضيات في البحوث الوصفية؛ نظرًا لأن الظاهرة الإنسانية مُعقَّدة ومُركَّبة عن غيرها من الظواهر المادية، كما أن اختبار وإثبات صحَّة تلك الفرضية يشوبها كثير من الصعوبات.

- من الممكن أن تشوب النتائج التي يحصل عليها الباحث جرَّاء استخدام المنهج الوصفي سلبيات كثيرة، نتيجة اللجوء لمعلومات خاطئة، وخاصة في ظل إجراء الدراسات المسحية التي تتطلب وجود عدد كبير من جامعي المعلومات، وقد يلجأ الباحث لغير المتخصصين، بما يؤدي إلى الحصول على معلومات غير صحيحة.

- استخدام المنهج الوصفي قد يُساعد في تحيُّز الباحث لبعض التوجهات الشخصية عن غيره من المناهج الأخرى، مثل المنهج التجريبي.